الدورة الدموية
معلومات عامة
تحدث العالم العربي ابن النفيس ( 1210-1280) للمرة الأولى عن الدورة الدموية الصغرى وقصد بها دورة الدم بين القلب والرئتين . وكان ابن النفيس المولود في دمشق قد اصبح رئيسا لمتشفى المنصوري في القاهرة . وبعد ذلك بحوالي أربعة قرون جاء العالم البريطاني هارفي عام 1678 ليتحدث بشكل مفصل عن الدورة الكبرى وعنى بها دورة الدم بين القلب وبقية أعضاء الجسم .
يقوم الدم بجولة مكوكية في جسم الإنسان ليبلغ كل خلية منه يحمل إليها الأوكسجين والغذاء أي الحياة .
ويحمل منها نفاياتها التي تفرزها وتتخلص منها خلال عملها وعلى راس هذه النفايات ثاني أو كسيد الكربون الذي يتخلص منه الدم بدوره خلال عملية تنقية وتنظيف تتم في الرئتين . ويمر الدم خلال جولاته هذه في أوعية دموية مختلفة السعة والحجم والتركيب . تسمى الأوعية التي تحمل الدم من القلب إلى سائر أعضاء الجسم الشرايين بينما تسمى الأوعية التي تنقل الدم من أعضاء الجسم إلى القلب الأوردة وللإنسان دورتان : دورة دموية أو جهاز الدوران وأخرى ليمفاوية . وهذه المرة سأكتفي بالحديث عن الدورة الدموية على أمل التحدث عن الدورة الليمفاوية في القريب العاجل ...
وينقسم جهاز الدوران أو الجهاز الدوري الدموي إلى ثلاثة أجزاء تعمل جميعها في الوقت نفسه : 1- الدورة الرئوية أو الدورة الصغرى
2- والدورة العامة أو الدورة الكبرى
3- والدورة البابية. ( portal - circulation )
فالدورة الصغرى أو الدورة الرئوية تنقل الدم الأزرق إلى الرئتين حيث يتخلص من غاز ثاني أو كسيد الكربون ويتزود بالأوكسجين ويعود هذا الدم احمر اللون ومحملا بأوكسجين إلى القلب .
وتقوم الدورة العامة بنقل الدم النقي الأحمر هذا إلى الأنسجة وفي الشعيرات النسيجية يترك الدم ما يحله من أوكسجين ويتسلم ثاني أو كسيد الكربون والفضلات ليوصلها إلى القلب ومنه إلى الرئبين عن طريق الدورة الصغرى حيث يستبدل الأوكسجين بثاني أو كسيد الكربون .
أما الدورة البابية ( PORTAL- CIRCULATION ) فهي الدورة الدموية إلى الكبد حيث ينتقل الدم الوارد من الطحال والبنكرياس والمعدة . فيقوم الكبد بتحول الجلوكوز الموجود في الدم إلى جليكوجين ويحتفظ به كاحتياطي فيخرج منه في حالة احتياج الجسم إليه كما انه يحول الفضلات المتخلفة عن الايض الخلوي البروتيدي إلى حامض البولينا كي تقوم الكليتان بإفرازها مع البول .
ويحتل القلب المركز الرئيسي في الدورة الدموية . فهو المرجع الأول والأخير وهو المضخة التي تستقبل الدم وتدفعه إلى الأوعية بحركة دائمة لا تنتهي إلا مع انتهاء الحياة .
ينطلق الدم من القلب وتحديدا من الجزء الأيمن منه أي من البطين الأيمن , عبر الشريان الرئوي pulmona artery) ) حاملا الدم المشبع بثاني أو كسيد الكربون إلى الرئتين فيتعرف إلى فرعين رئيسيين ايمن وايسر ويتفرع هذان بدورهما إلى فروع يصل كل واحد منها إلى فص معي من الرئة ويستمر التفرع مثل أغصان الشجرة حتى تتحول إلي شبكة كبيرة تتجانس مع انساخ الرئة Alveolesحيث تتم عملية التنقية وتبادل الغازات . فيعطي الدم ما يحمله من فائض ثاني أو كسيد الكربون ويأخذ ما يحتاجه من أوكسجين ويعود عبر الأوردة التي تتشكل بطريقة عكسية لتفرع الشرايين حتى تأخذ شكلها النهائي وتؤلف أربع أوردة رئوية تحمل الدم المشبع بالأوكسجين إلى القلب وتحديدا الأذين الأيسر .
وتسمى هذه العملية كلها الدورة الدموية الصغيرة أو الصغرى . وهي تختلف عن الكبرى أساسا بان الشرايين فيها تحمل الدم الأزرق أي الدم الحامل لثاني أو كسيد الكربون بينما تحمل الأوردة فيها الدم الأحمر أي المنقى الحالم للأوكسجين أما في الدورة الكبرى فان الشرايين هي التي تحمل الدم الأحمر بينما تحمل الأوردة الدم الأزرق ...
ينطلق الدم خلال الدورة الكبرى من البطين الأيسر عبر الشريان الابهر إلى مختلف أنحاء الجسم حيث تتفرع عن هذا الشريان شرايين متعددة تختلف أسماؤها باختلاف الأعضاء التي تصل إليها وتستمر بالتفرع حتى تصل فروعها الصغيرة إلى كل خلية في الجسم .
يصل الدم إذن إلى أعضاء الجسم كلها محملا بالأوكسجين ويعود حاملا ثان أو كسيد الكربون وغيره من النفايات ليتجمع عبر الأوردة التي تتشكل بنفس الطريقة التي رأيناها في الدورة الصغرى , وتحمله إلى القلب عبر وريدين رئيسيين يسميان الوريدان الأجوفانvenae cavae : أحدهما الوريد الأجوف السفلي يتجمع فيه الدم من الأطراف السفلي ليحمله إلى الأذين الأيمن في القلب بينما يتجمع الدم من الأطراف العليا بواسطة الوريد الأجوف العلوي ليصب بدوره أيضا في أذين القلب الأيمن . ومن هناك نطلق إلى البطين الأيمن حيث يضخه هذا عبر الشريان الرئوي إلى الرئتين لتبدأ الدورة الصغرى من جديد...
ولا بد من الإشارة إلى ان الدم يخضع خلال دورته الكبرى إلى عملية تنقية تتم في الكليتين حيث يتحرر الدم من بعض المواد التي تفرز مع البول خلال عملية معقدة من الامتصاص والإفراز . كما يخضع أيضا إلى عملية تنقية أخرى تتم في الكبد من خلال دورة رديف تشكل جزا من الدورة الكبرى وتتم عبر الوريد البابي ( portal vein) الذي ينتقل بواسطته الدم الأتي من الأمعاء وأعضاء البطن الأخرى والذي يحمل أيضا الأغذية المكتسبة من الأطعمة والتي تمر بالكبد حيث يتم استقبالها فالكبد كما نعرف هو المعمل الكيميائي في الجسم .
ان الدورتين الدمويتين مفصولتان تماما عن بعضهما إلا في بعض الأمراض التي يبقى فيه فتحة أو اكثر بين جدار الأذين أو البطين الأيمن تصلهما بشبهيهما ألا يسرين وبعض هذه الأمراض الولادية تؤدي إلى الزرقة كما سنرى حين نتحدث عن القلب وتبقى أحيانا الوصلة بين الشريانية , سالكة مما يؤدي إلى امتزاج الدم الأزرق بالدم الأحمر ...